حصريا بعد ست سنوات و في ذكرى مقتل الرئيس: مع ابن عمه أحمد قذاف الدم

حاورته فانيسا توماسيني

قد مرت ست سنوات عن مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي. 20 سبتمبر 2011 ، كان منعرجا في تاريخ ليبيا الحديث، و الذي على اثره دخلت ليبيا في موجة
عنف غير مسبوق و بالتالي في نفق مظلم. و لا يزال المجتمع الدولي يبذل قصارى جهده من أجل استقرار الأوضاع الأمنية و السياسية لكن دون جدوى.
ست سنوات بعد مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي في سرت مسقط رأسه ، كل يتذكر معمر القذافي بطريقته.
ابن عمه و أحد أبرز قيادات النظام الليبي أحمد قذاف الدم، و الذي كان منسقا بين طرابلس و القاهرة و الذي أبى إلا أن يجعل من معمر القذافي ذكرى خالدة، بنشره لكتاب بعنوان ” قذاف الدم يتحدث: نصف قرن مع القذافي”. و الذي كان عبارة عن مذكرات روى فيها علاقته بالزعيم الراحل منذ الطفولة إلى ردهات الحرب الليبية المصرية سنة 1977 حتى تأسيس جيش التحرير الليبي، ثم دور القذافي في نشر الاسلام في القارة الأفريقية و الآسيوية.
بمناسبة تقديم الكتاب في مصر , و الذي سيقع إصداره في مختلف البلاد العربية، كان لنا لقاء خاطفا مع الجنرال أحمد قذاف الدم.
لو تفضلت سيد قذاف الدم ، حدثني عن اجمل ذكرى تحملها من فقيد دربك معمر القذافي؟-
أجمل ذكرياتي مع القذافي كانت في الصحراء .. عندما يتحرر من كل القيود..وينام علي الأرض .. وفي المساء يقول لنا أنتم تنامون في فنادق خمس نجوم وأنا أنام في فندق 1000 نجمة ويعني بذلك الآف النجوم التي تَتَلأْلأُ في سماء صحرائنا الجميلة .. وعظمة القذافي كانت في بساطته وانحيازه للبسطاء .. والفقراء ويدافع عنهم وناصر قضايا السود والهنود الحمر .. وكتب عنهم ولم يتنكر يوماً لهم .. ولعل كتابه الأخضر خير دليل عندما تحدث عن العدالة ونظام الشركاء ونظام الشورى .. ودولة الجماهير “دولة مابعد الجمهورية” أي برلمان في كل حي يشارك الجميع فالسلطة .. وكذلك الجميع في كتابه “تحياً دولة الحقراء” الذي يقول فيه بأنه لولاً هؤلاء المهمشين أصحاب المهن البسيطة .. ما دخلت السعادة كل بيت ولا توقفت الحياة .. كعمال المجاري والنظافة وغيرهم .. أجمل ماسمعت منه عندما قلت له أن المعركة غير متكافئة مع الحلف الأطلسي .. قال لم نذهب نحن لقتالهم وهم هاجمونا .. قد لانهزمهم و إنما علينا القيام بواجبنا أمام شعبنا وأمام التاريخ .. ولن نترك العار للأجيال القادمة ولن نستسلم رغم كل العروض المغرية التي طالبته بالمغادرة .. بكل مايريد من أموال ومرافقين وإلى أي مكان وبكل الضمانات .
هل حصل بينكما خلاف حاد أدى إلى التصادم مثلاً أو حدوث عراك؟
كثيراً ما إختلفت مع القذافي وللأسف إكتشفت أن القذافي كان على حق .. خصوصاً عندما كان يقول أن الغرب لا يعرف الصداقة والتعاون البناء وأنما أن تكون عبداً أو عدواً .. وليس أمامي إلا المواجهة.
بعد ست سنوات من سقوط نظامكم، كيف تقيم ما حصل في فبراير 2011؟
– للأسف كان بعض الليبيين يصدقون وعود الغرب الذي جاء لحمايتهم ونشر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وأن القذافي عدواً لكل ذلك .. وهو السبب والهدف .. وأكتشفوا بعد هذه السنوات أن هذا الوهم تحول إلى كابوس وباتوا يعضون أصابع الندم ويترحمون على يوم من أيام القذافي .. ويشعرون بالعار بفقدان كرامتهم وكرامة الوطن .
بعض مناصري سيف الإسلام يتهمونك بالتخلي عن ابن عمك و رفيق دربك إبان حراك 2011، ما مدى صحة ما روج له عن الخصومة بينك و ابن أخيك؟ ماذا حصل باظبط؟
– في البداية كان الخلاف ليبي – ليبي ولم أكن أريد أن أكون طرفاً .. وكان لي رأياً مختلف .. ويرى زملائي أنها مؤامرة ولم يكن بالإمكان أن تنجح فالصراع أمام التحديات والمؤامرات أستمرت أربعين عاماً وتأقلمنا معهاً وتصلب عودنا وكنا نسخر منها .. وبدأت سريعاً تتكشف أمامي حجم التخطيط والإصرار على التخلص من القذافي من خلال الهجوم على الحلف الأطلسي .. ومن خلال الكثير من العروض والتهديدات .. التي وصلتني من مسئولين غربيين أرادوا إستمالتي و أكيد أنا رجل وطني ووالدي أحد مؤسسي جيش التحرير “لايمكن في لحظة كهذه” إلا أن أنحاز للوطن كأغلبية أبناء شعبنا وعند كل الشعوب الحرة عندما يكون هناك عدوان أجنبي ليس يكون هناك إلا خيار الوطن مهما كانت أختلافاتنا الداخلية .. وعندما خرجت كانت وجهة نظري أن هذه المواجهة ليست في صالحنا و علينا إيجاد مخارج سياسية وهذا السلاح الوحيد الممكن لإنقاذ الوطن .. وتواصلت مع الجميع وحاولت إنقاذ مايمكن إنقاذه .. وللأسف .. لم يكن أحد في الغرب يريد حلاً سوى السيطرة على ليبيا وفق مخطط جهنمي ثبت فشله وفقاً للنتائج التي طالت الجميع بما فيها الدول التي دمرت ليبيا .. خلافي مع زملائنا هو أنني أرى أن كل الليبيين هم ضحايا وكان دورهم هامشياً عبارة عن كومبارس وتأثروا بالحرب النفسية التي واكبت هجوم حلف الأطلسي وقادت بعض الجواسيس الذين جندهم الغرب لسنوات لهذا الغرض .. كذلك أرى أن الصراع اليوم يستهدف الوطن والجميع والمعركة الواجبة الأن تتطلب رص الصفوف والحديث مع الجميع لإنقاذ الوطن ثم عندما تبدأ المعركة السياسية يعود كلاً منا لخندقه و إلا فنحن جميعاً نشارك في هذا الدمار ونطيل عمره وندمر مقدراتنا ولن ينتصر أحد أما اليوم فنحن أصحاب الراية البيضاء نكسب أرضية ونستقطب حتى خصومنا الذين قاتلونا مع حلف أطلسي وعادوا للوطن وعلينا أن نغفر .. ويرى زملائنا بأن هؤلاء باعوا الوطن مع العدو وتلك خيانة والخيانة وجهة نظر غير قابلة للنقاش .. أما أنني تخليت عن القذافي فذلك لم يحدث وكنت على تواصل معه حتى اليوم الأخير .
بعض التحقيقات تشير إلى تورط قطر في جريمة قتل معمر القذافي. ماذا تقول في هذا السياق؟
قطر ليس بيننا وبينها أية مشاكل بل كنا أصدقاء قبل فبراير 2011 وأعتقد هذه الدولة الصغيرة أجبرت على القيام بهذه المهمة لتمويل الحملة تحت ضغوط .. أما الجانب العسكري فكان ذلك عندما صرح وزير الداخلية الفرنسي بأن هذه الحرب صليبية على ليبيا و أثار صخطاً كبيراً فتدخل “شيخ القرضاوي” لحل الإشكال بأن يشارك طيارين مسلمين فهيا ليست لديها أساطيل ولا حاملات طائرات ولا حتى جيش وعندما يقول الرئيس الأمريكي والفرنسي والبريطاني نحن من أسقطنا النظام لن تجد لها مكاناً في التاريخ سوى العار

ما مدى صحة خضوعك للتحقيق من طرف الانتربول؟ ثم ما هي نوعية المشاكل التي يواجهها كل يحمل لقب القذافي عموماً؟
نعم لقد فرضت على قوائم كثيرة للعقوبات ووضعت أسماء لدى الأنتربول لإرهابنا وتجميد نشاطنا ومنعنا من الدفاع عن الوطن وكنت ضمن من شملتهم هذه القوائم التي شملت كذلك أطفالنا ونسائنا وحتى بعض الشهداء الذين قتلهم الناتو .. وهذا شئ مشين وسيأتي يوماً يخجل الغرب من هذا العمل ولقد رفعت قضية ضد الأتحاد الأوربي عن طريق السيد “ديشارت” وزير خارجية فرنسا السابق وهو محامي صديق وقد حكمت المحكمة الأوروبية برفع كل القيود عني وبرائتي وأشترطوا في الحكم أن لا أطالب بحقوق وفي ذلك أعتراف ضمني بالظلم .

العملة، كيف افتتح ممثل بعثة الأمم المتحدة الخاص، غسان سلامي لك النظام السابق؟-
لقد رحبنا بمقترحات السيد غسان سلامة وأكيد خطوة إيجابية لأننا النظام الشرعي وحتى هذه الساعة نمثل 70% من الشعب الليبي ونحن الجيش والشرطة والقضاء والسياسيين والنخب ورجال الإقتصاد والقبائل .. لن تقوم دولة في غياب هؤلاء ومن يقود ليبيا اليوم هم المجموعات التي فرضها الحلف الأطلسي بالصواريخ وشرعن وجودهم ولا يمكن للصواريخ أن تصنع شرعية