باراك أوباما الرجل الأعتى إلكترونيا

فوزي بن يونس بن حديد

الرجل الذي يحكم العالم فجأة يتحول إلى محارب إلكتروني، يسيّر العالم من خلال زر واحد، وهو يعتلي عرش الحكم، استطاع باراك أوباما الرئيس الشاب أن يقنع من حوله أن التغيير يجب أن يكون من الداخل وأن التقنية الحديثة هي الكفيلة الوحيدة لتنحية الأنظمة التي لا تروق لأمريكا، وقد وصل إلى حد الآن إلى نصف الطريق فهل يستطيع أن يبلغ النهاية، وما النهاية عنده؟ وما تحقيق الحلم الأكبر من خلال هذه العملية الالكترونية؟
يبدو أن الرئيس الأمريكي قد كوّن جيشا إلكترونيا عجيبا فهو داهية من الطراز الأول، حاول أن يفهم تركيبة المجتمع العربي والإسلامي وتمسك بالخيط الذي أوصله إلى الإطاحة بأنظمة كانت تعد من أعتى الأنظمة، ويبدو لي كذلك أن  أوباما كان أذكى بكثير من الرئيس الذي قبله، فجورج بوش كان غبيا جدا عندما جازف بجيش أمريكا إلى أفغانستان ثم العراق فخسر بلايين الدولارات وآلاف الجنود وملايين المعدات في حربين خاسرتين لم تحققا الحرية للشعوب بل زادتهم فقرا وجوعا، لقد خاض حربا ضروسا ضد شخص واحد في أفغانستان هو أسامة بن لادن ودمّر البلاد والعباد فازدادت نقمة الشعب الأفغاني عليه حتى وصفوه بالمجنون، وخاض حربا أخرى ضد شخص واحد في العراق هو صدام حسين فدمر حضارة بلاد بأكملها وأدخل فيها الرعب والخوف والقتل اليومي حتى لقي من يقذفه بنعال على وجهه فخسر الحرب ورجموه بالحجارة.
استفاد رجل البيت الأبيض من أخطاء سابقه وأراد أن يكسب إرادة الشعوب، فأتى بلغة أخرى غير لغة بوش العربيد، لغة هي أقرب من الذكاء السياسي ما خوله أن ينجح في مسعاه فاختار لنفسه فريقا عتيدا محنكا قدم له جميع التسهيلات ومنحه الصلاحيات بأن يتجسس على كل صغيرة وكبيرة في العالم العربي والإسلامي، وقدم له التقنية الحديثة بكافة أنواعها للوصول إلى الهدف.
كيف وصل باراك أوباما إلى أسامة بن لادن في باكستان؟
سؤال ربما حير كثيرا من الناس ولكن من علم قدرة الرئيس الأمريكي على المناورة الإلكترونية التكتيكية يدرك أن الرجل لم يكن يلهو بما عنده من تقنية فاخرة بل إنه يلاعبها تارة ويستخدمها سياسيا تارة أخرى، وبتفوقه الالكتروني استطاع أن يلعب اللعبة ويحقق النجاح الباهر الذي لم يستطع من قبله طوال ثماني سنوات أن يقوم به، استطاع أن يصل إلى مكان بن لادن بخيوط إلكترونية وذبذبات صوتية تمكن خلالها من أن يرصد مكانه بدقة ومن ثم كانت العملية على الأرض، إنه تكتيك إلكتروني  فاخر لا يصل إليه كل إنسان إلا من كانت له دراية وهواية ورواية.
وكيف وصل أوباما إلى القلوب؟
الكاريزما الشخصية وحدها لا تكفي لجذب أنظار ملايين الناس من شرق الأرض وغربها، ولكنها اللغة العاطفية واللباقة في الخطاب ومحاولة التمويه المتعمد أحيانا، كوّن مناصرين ومحبين وساعدته في ذلك النقمة الحادة على جورج بوش الغبي الذي لا يفقه من السياسة شيئا، فعندما وصل إلى الحكم استبشر به العرب والمسلمون قبل الأمريكيون أنفسهم وأعطوه مساحة شاسعة من التحرك والتنقل بين عواصم العالم العربي والإسلامي، وفجأة بدأت تظهر الفجوة حينما تهيأ له الأمر وحرك أصابعه الالكترونية في اتجاه شمال إفريقيا فانتقم من النظام التونسي ثم المصري ثم الليبي ثم اليمني وها هو اليوم يحاول في سوريا فهل يتحقق حلمه؟
وليعلم الجميع أن الهدف لا يقف عند سوريا، فإيران في الطريق وحزب الله على اللائحة السوداء وبعدها ربما دول الخليج، شيئا فشيئا نظر ثم بسر ثم قرر أن الوقوف على الربوة أسلم، وأن العرب ستنطوي عليهم حيلة اللعبة الالكترونية وتنطفئ شمعة المقاومة تدريجيا، لم يخسر في الحرب إلا ولا ذمة ولا جنديا ولا معدّة بل ولا دولارا واحدا بل كان شعاره نتفرج ونستفيد.