رئيس مجلس اعيان ليبيا للمصالحة : وحدة التراب الليبي والمصالحة الوطنية وبناء الدولة هدفنا 


حاورته فانيسا توماسيني

قال رئيس مجلس اعيان ليبيا للمصالحة الشيخ محمد المبشر  ان الانطلاقة الفعلية لعمل مجلس الاعيان بدأت سنة 2012.
موضحا : “أن مجلس الاعيان قاد سلسلة من الوساطات طوال الست سنوات الماضية ونجح في فك النزاعات والخلافات”.
واضاف محمد المبشر : “توصلنا بالمجلس  الى إبرام عدد من  اتفاقات التهدئة بين المدن والقبائل أهمها كان في مدينة الكفرة سنة 2012 وسبها سنتي 2012 و2014 وطرابلس سنة 2013 .
ثم كانت منطقة الواحات الشرقية في 2014 والجبل الغربي الزنتان والمشاشية وغيرهما من المدن والمناطق” .
وبين المبشر ان المجلس بعد ان فتح طريق الاتفاقات قام بالضغط باتجاه حل مشكلة السجناء والمعتقلين، وقد نجح في الإفراج على عدد كبير من السجناء والمعتقلين على مدى فترات زمنية متفاوتة.
وأكد رئيس مجلس الأعيان : “ان ملف الاعتقال التعسفي والسجناء والمفقودين والمغيبيين داخل السجون الغير نظامية من أهم الملفات التي يسعى اعيان ومشائخ القبائل الليبية إلى التوافق حوله لإنهاء معاناة السجناء وعائلاتهم”.
واوضح المبشر : “ان تركيبة مجلس اعيان ليبيا يعززها عدد من الوجهاء من كل المدن والقبائل الليبية وجمع من الخبراء المتخصصين كل في مجاله والشباب اليافع المتطلع للمستقبل”.
ولمزيد الوقوف على عمل مجلس اعيان ليبيا للمصالحة الذي يعتمد على حكمة المشائخ و الاعيان و حماس الشباب، كان لنا لقاء مع الشيخ محمد المبشر فإلى الحوار.

* أين وصل ملف “المصالحة” في ليبيا الذي يعمل عليه مجلس الأعيان لإرساء سلام دائم ؟
– المصالحة بين جموع الليبيين انطلقت منذ مؤتمر نالوت في سبتمر 2016 الذي دعا له “مجلس أعيان ليبيا للمصالحة” وكان أهم حدث شهدته ليبيا منذ 2011 على اعتبار انه ضم كل الحساسيات الليبية السياسية والاجتماعية.
وقد عرض المؤتمر خارطة طريق للمصالحة لكن العالم أقفل الأبواب أمام الدعوة الصريحة للمصالحة والوحدة والسيادة الوطنية بل أن  بعض الدول تعاملت مع الأزمة الليبية بطريقة المافيا بدعمها لمليشيات الموت.
وبالتوقف عند وثيقة البيان الختامي الذي شدد على وحدة التراب الليبي وتفعيل العفو العام لإخراج المساجين اصدر وزير العدل الليبي المكلف منير علي عصر مذكرة بتاريخ 29 سبتمبر 2016 تدعو إلى تطبيق القانون رقم 6 الصادر سنة 2015 والقاضي بتنفيذ العفو العام.
كما دعا ملتقى نالوت إلى تفعيل البلديات ودعمها لتتولى مستقبلا الاشراف على ملتقيات المصالحة نظرا لقربها من المواطنين واطلاعها الجيد على احتياجاتهم.
اليوم والحمد لله الكل اقتنع بوجهة نظرنا وهناك أطراف تبنتها وتعمل على تفعيلها، إذ لا حل في ليبيا سوى تجاوز الماضي والتوجه للبناء .
بلادنا بلغت مفترق طرق خطير يتطلب منا جميعا إعلاء المصلحة الوطنية ووحدة الوطن وأمنه القومي وترك جميع الخلافات جانبا.
* مؤخرا ذكرتم أن مجلس اعيان ليبيا للمصالحة يملك رؤيا ومشروع حقيقي لبناء الدولة الليبية، هل لنا أن نتعرف على ملامح هذا المشروع؟
– فلسفة مشروعنا انه مشروع يتسع لجميع الليبيين على اختلافهم ولكن دون التوقف على أشخاص فالأهم هو الهدف والفكرة والاستمرارية.
ونؤكد هنا أن أبواب الوطن مشرعة لكل من يرغب في الانضمام الينا والعمل والمساهمة في كتابة صفحة مجيدة وجديدة في تاريخ ليبيا.

* هذا جيد ولكن لم تذكر لنا أي خطة من مشروعكم ؟
– يكفي ان أشير الى أننا سننهي خلافاتنا باستفتاء على القضايا المتنازع بعد تعداد سكاني حقيقي بعيدا عن تعداد الجمعيات الاستهلاكية لضمان الانتماء الاجتماعي لكل فرد وصولا إلى الانتخابات التي ستتم وفقاً لمخرجات الاستفتاء والدستور المستفتى عليه.
هذا مع التأكيد مجددا اننا في المجلس نحترم كل الأطراف فالمصالحة والجهود المبذولة هي غير موجهة لأي طرف، أساس العمل هو إقامة  الدولة المدنية التي تتقبل وتتسع لكل الأطراف.

* نحن أمام مفارقة عجيبة فالمتعارف عليه أن القبيلة لها نظامها ولكن الأمر يختلف مع مجلس الأعيان الذي يعمل لبناء دولة مدنية كيف ذلك؟
– القبيلة هي الشعب الليبي، والأعيان والمشائخ والحكماء جزء من هذا الشعب الطيب، هم السلطة الأدبية التي تعمل على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء والمصالحة في ظل غياب النظام والفوضى.
مهمة مجلس الأعيان تذليل العقبات وفتح خطوط التواصل بين الاخوة الفرقاء ونزع فتيل الحرب والتهدئة الشاملة حتى يتمكن الشعب الليبي من ممارسة دوره التاريخي في إنقاذ وطنه بعيدا عن التدخل الأجنبي أو الاملاءات الحزبية والجهوية، لأن كل ما يحدث في ليبيا من نزاعات سببه سياسة الإقصاء والتهميش فالليبيون اذا ما أتيحت لهم فرصة التفاعل ديمقراطيا سيجدوا مخرجا يرضيهم وهذا ما نسعى له.
وفي اختصار شديد غايتنا تحرير الوطن من خلال إئتلاف إجتماعي يحافظ على وحدة التراب الليبي وهوية البلاد ومنع أي توجه لتجزئتها او المساس بسلامتها الإقليمية أو إضعاف أي من مقومات الإقليم والسيادة عليه، وهذا لن يتم إلا بالتساوي في الحقوق والمساواة بين الليبيين في الشراكه لبناء الوطن بصرف النظر على انتماءهم الفكري او المعتقد السياسي.
* من هنا نفهم انكم تتفقون مع خارطة الطريق التي عرضها المبعوث الأممي غسان سلامة؟ وماذا عن إيطاليا التي تضررت بسبب الأزمة الليبية؟
– الأكيد أن السيد غسان سلامة يعلم بمتطلبات الحل في ليبيا، ونحن نتفق معه على خارطة الطريق باستثناء بعض بعض النقاط التي نحتفظ عليها إلى أن تتوضح أمامنا خلال الأيام القادمة.
أما بالنسبة لإيطاليا التي تربطنا بها صداقة ومصالح اقتصادية فهي واحدة من أكثر الدول تفهما للشخصية الليبية كما انها اكثر الدول معاناة مما بحدث في ليبيا سيما فوضى الهجرة السرية والاتجار بالبشر وهذا بحد ذاته مسؤولية مشتركة يفرض علينا التعامل بحكمة لحل القضايا العالقة بين البلدين.

هل لديكم خطة لمعالجة معضلة الهجرة السرية التي اجتاحت دول جنوب أوروبا؟
– ليبيا دولة عبور فقط وثلث المهجرين يظل في ليبيا وهذه المشكلة تعاني منها ليبيا أيضا.
هناك عدة أوراق عمل وخطط أعدها المجلس وقادر على تنفيذها من خلال المكونات الاجتماعية التي تتم عبرها الهجرة السرية، و لكن يبقى هذا الحل منقوصا لانه يجب حل أسباب الهجرة من دول الهجرة نفسها وذلك بالقيام بتنمية مكانية، ولا ننسى فهناك أبعاد اقتصادية وإجتماعية وسياسية وإنسانية تسبب الهجرة الغير شرعية، وكل هذه الجوانب يجب ان تكون جزء من الخطة ، وعلى الشريك الأوروبي  ان يساهم من طرفه في إيجاد حل جذري بدل القيام بحلول مؤقتة وتلفيقية لن تحل المشكلة من اساسها.
* ماذا عن تحقيق الامن ونزع السلاع المنتشرة في كل بيت تقريبا ؟
– سأعود مجددا الى مؤتمر نالوت لانه فعلا كان الانطلاقة الحقيقية، نالوت كانت النموذج الأمني “النظيف” فالمجلس البلدي بمساعدة وجهاء المدينة أقفلوا آخر سجونها وحولوه إلى مركز تدريب للعلوم.
وهي مدينة تعيش حالة أمنية فريدة في ليبيا، خالية من مظاهر المليشيات والعصابات وسكانها يمارسون حياتهم وأعمالهم وتنقلاتهم في أمان تام .
ونسجا على منوال “نالوت الامني” قامت اللجان التحضيرية بدعوة رجال الجيش والشرطة المتقاعدين قسرا بسبب التطرف وسلطة المليشيات واقناعهم بالعودة للعمل في محيط مدنهم .
وتم تكليف خبراء أمنيين بكل منطقة من خلال القيادات الاجتماعية واعيان ومشايخ القبائل والمجالس الاجتماعية.
ومن مهامها تحريض الناس علي المساهمة في استتباب الامن بالكلمة الطيبة والنصيحة والدعوة لاحترام الاخر مهما كان الاختلاف السياسي او الايديولوجي وتجريم الحرابة والسطو المسلح وتجارة الأسلحة واحتواء الشباب من الانخراط في المليشيات والمخدرات والخمور والهجرة الغير قانونية.
كما يعمل الخبراء الأمنيون في كل مناطق ليبيا على التحريض المستمر على ضروره الأمن الذاتي في كل حي و قرية ومدينة بواسطة ابناءها المختصين في الشأن الأمني.
حتى تنشر بين الناس ثقافه تآجيل التوجهات السياسية المسببة للخلاف بين اغلب الليبيين  والتركيز على جمع ابناء المجتمع في الاتجاه الامني والمساهمه الفعليه في التهدئة لتحقيق الاستقرار والامن وخلق مناخ يسمح لليبيين محاوره بعضهم بعيداً عن استخدام القوة والسلاح .
وبشأن نزع السلاح من بين يدي المدنيين لدينا رؤيا شاملة بصدد العمل عليشها.