أمريكا جنت على نفسها

فوزي بن يونس بن حديد

ظنت الولايات المتحدة الأمريكية التي ساندت بقوة ثورات الربيع العربي أن الشعوب العربية ستحبها وستغفر لها خطاياها إن هي أقدمت على فعل وحشي يمسّ رمز الأمة الإسلامية، واعتبرت أن ما جرى من تحوّل في هذه البلدان سيفسح لها المجال أن ترتع في البلاد شرقا وغربا كما يحلو لها باعتبارها الدولة العظمى التي تصول في أي بلاد وتجول دون أن يحاسبها أحد، كما أنها يبدو أنها لم تتعلم الدرس بعد من محنة العراق ذلك البلد الذي دمرته بدعوى تحريره من بطش صدام حسين وتلقّى الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش صفعة من حذاء المنتصر الزيدي أثناء مؤتمره الصحفي، فلم يكن الشعب الأمريكي راضيا على التصرف الأهوج الأمريكي تجاه قضية عربية وطنية.
إن الذي حصل لأمريكا اليوم قد حصل لها في الماضي القريب غير أنها ظنت وتوهمت وحسبت أن الربيع العربي جلب لها الخير كل الخير، وبهذه الحادثة ستراجع حساباتها من جديد وستعلن أن العرب إن لم يستقيموا على طريقتها ستعاقبهم على أفعالهم كما حدث لها في سفاراتها في الدول العربية والإسلامية إبان تصوير الفيلم المسيء لسيد هذه الأمة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبدو أن وتيرة العداء لأمريكا اليوم ستتواصل وتتفاقم رغم التصريحات التي حاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما أو وزيرة خارجيته أن يلقيها هنا وهناك إلا أنها لم ولن تلقى صدى عند الشعوب العربية الثائرة التي من حقها أن تثور على الظلم والاستبداد وعلى إهانة الأنبياء والرسل وخاصة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ولتعلم أن الإسلام لا يبيح الاعتداء إلا أنه من اعتدى علينا نعاقبه بمثل ما عاقبنا وهذا حق مكفول للشعوب الإسلامية، والغريب في الأمر أن يظهر الشيخ يوسف القرضاوي على شاشات التلفزيون ليعلن أنه لا يجوز التعرض لسفارات أمريكا بينما يدعو الشعب السوري برمته إلى الجهاد ضد الظلم والاستبداد، هل هؤلاء يخدعون أنفسهم أم يخدعون الشعوب العربية الثائرة.؟
وبهذه الفاجعة والحادثة ستراجع أمريكا طريقتها في تعاملها مع سوريا البلد الذي يحترق نتيجة الصدامات الساخنة بين طرفي الصراع وستفكر ألف مرة قبل أن تطالب برحيل بشار الأسد، ويبدو أن الأمر في صالح النظام في سوريا وربما يسجل نقاطا جديدة على حساب سيدا وأتباعه الذين بدوا ضعفاء وخافوا من أن الدعم الأمريكي والأوروبي سيقل ويضعف وربما سيضمحل في الأيام القادمة لذلك هم في خوف ورعب.
ربما بهذا الفيلم ستتغير النظرة وتستلهم العبرة وتكبر الفجوة بين دول الربيع العربي التي كانت تناشد الحرية والكرامة وفجأة تحولت الحركات الإسلامية إلى عصابات مسلحة ترتع في بلادها وتسمح لنفسها بأن تطبّق شرع الله كما تدعي بكل عشوائية ودون تأنّ أو تفكير أو منهج، وحتى أولئك الذين يمثلون النهج الوسط في خوف من أمرهم وهلع مما قد يحصل في الأيام القادمة التي نترك لها الفصل والحكم.