خوفي على دمشق

فوزي بن يونس بن حديد

باتت دمشق الآن على مرمى من حجر الذين يحاولون تقويض الأمن لصالحهم، وأخاف أن يحدث لسوريا ما حدث لليبيا فعلا، بعد أن حشدت قطر قوّتها وسخّرت جميع إمكاناتها من أجل توحيد المعارضة في الخارج وقامت – بإسراف – بعرض عضلاتها أمام العالم في تحدٍّ سافر وجمعت من تظنّ أنهم سيخلصون لها في يوم ما بعد أن تتحقق مطامعهم.
خوفي على دمشق، جاء بعد أن وقف العالم الغربي كله في وجه سوريا، وحشد جميع قواته يبدو استعدادا للغزو العسكري الذي طالما كانوا يستبعدونه من خياراتهم، إلا أنه بات الآن مطروحا على الطاولة بزعم إنقاذ الشعب السوري من المجازر اليومية.
خوفي على دمشق أن تنهار يوما ويُنتهك عرضها ويُداس تراثها وتُنهب ثرواتها، خوفي على دمشق أن تدقّ آخر مسمار في نعشها وتصبح مسرحا للسلب والنهب والفوضى الغارقة في الظلام، وإذا سادت فعلى دمشق السلام، ودمع سيبقى يكفكف على طول الزمان.
ما الحل؟
الحل في أيدي الشعب السوري، مرة أخرى وهذه المرة أصرخ أين الشعب السوري؟ أين الشعب السوري؟ أين الملايين؟ أين الروح السورية؟ هل فقدت بريقها؟ هل دفنت في الرمال للأبد؟ هل ماتت فعلا؟ هل تمزّقت؟ هل ستتنفس من جديد؟
الوقت ليس في صالحكم إذا أردتم العزة والكرامة فانهضوا وحرّروا البلاد من الفوضى واجعلوا لأنفسكم أهدافا، ولا تركنوا للكسل والخوف والرعب والوجل، إنكم إن أظهرتم قوتكم خابت قوة من ترهبكم، إنكم إذا وقفتم صفا واحدا يهاب العدو منكم.
أبدا لا يمكن لسوريا أن تنهار بهذه الصورة، أبدا لا يمكن لليهود أن يحققوا غرضهم، أبدا لا يمكن لأمريكا أن تمرّر أفكارها على حساب شعب عربي يريد أن يعيش عزيزا كريما، وأشدّ ما أستغرب حرص دولة قطر الشقية فعلا على تغيير النظام في سوريا بأسرع وقت وهي التي تمارس الضغط على شعبها وتنتهك حرمة التعبير عن الرأي حينما قال شاعرها كلمات مسّت الأمير مباشرة فأودعه السجن بلا هوادة، وتوعّد من سوّلت له نفسه المساس بالأمير بالعذاب الأليم.
هذه الدويلة تملك ثروات  ضخمة يبددها أصحابها في استضافة المخرّبين على الملأ، وتصرف عليهم الأموال الطائلة، وتسكنهم في أفخم الفنادق ظنا منها أنها تمارس الديمقراطية ولكنها في الحقيقة تمارس خسّة في القمّة، تتدخل في شؤون غيرها دون خجل أو وجل، وتحارب أي دولة أخرى تتدخل في شؤونها، تتحدث عن الثورات في بلدان عربية ونسيت شعبها الذي ربما يثور عليها لأنها بدأت تبتز الآخرين وتخرج أضغانهم، اليوم لك وغدا عليك.
خوفي على دمشق أن تنهار، فسينهار معها العديد من البلدان، وتنهار نفسية كثير من الشعب السوري بل والعربي، وتصبح عورة المنطقة برمتها مكشوفة كما كانت تريد أمريكا وإسرائيل، فمن يحكم قبضة الحكم إذا ساد الاضطراب في سوريا لا قدر الله.
أما الجار التركي فيبدو أنه لا يعرف احترام الجار فراح يمدّ المعارضين بالسلاح والمال، ومن قال إن هؤلاء لا يستخدمونه ضد مدنيين عزل ويقتلون الأبرياء، فكلما حدثت مجزرة كمجزرة القورة صوّر الإعلام أن النظام ارتكبها ومن قال فهل لديهم دليل؟ إن الإعلام الآن مسيّس بشكل كبير تديره أصابع يهودية باحتراف وإن كانت بأسماء عربية فإنها تحمل الفكر اليهودي الذي يزعزع البلدان بالأخبار الكاذبة والملفقة.
الآن نعيش وضعا مختلفا، وعندما قالت كونداليزا رايس نريد شرق أوسط جديدا سخرنا من طرحها ولكن يبدو أنها هي من ضحك علينا وسخر منا بعد أن أصبحنا نقاتل بعضنا بعضا ونكفّر بعضنا بعضا، ونسفك دماء بعضنا بعضا، نعيش أهوال الانقسام والفرقة، وهؤلاء الذين ينادون باسم الثورة من الخارج إنما هم دمى تحرّكها جهات خارجية من هنا وهناك ولا تحمل فكرا ولا منهجا ولا تمتّ إلى البلاد العربية بصلة، إنما تريد تحقيق غرضها وهو الوصول إلى السلطة بوساطة قطرية ساقطة.