ما الذي يحدث في بورما؟

فوزي بن يونس بن حديد

قبحا للمسلمين الخانعين وراء ستارات النفاق، وبئسا لمليار مسلم لا تهتز مشاعرهم، إنهم غثاء كغثاء السيل لا ينفعون ولا يتوحدون، متفرقون ومشتتون وممزقون، يأكل بعضهم بعضا ولا ينصرون مظلوما ولا يصدون ظالما، فأنى لهم النصر وأنى لهم الرحمة والفوز، إخوانهم في بورما يتعرضون لأبشع أنواع الأذى من قتل وتشريد واغتصاب للفتيات المسلمات أمام مرآى ومسمع الناس أجمعين.
ما حدث يستدعي استنفار القوى، وتوحيد الجهود والرؤى، والعمل على الوقوف صفا واحدا ضد الطغيان والاستبداد واتباع الهوى، ما حدث لن يمر مرور الكرام على المسلمين الخانعين الذين ارتضوا الكسل والخمول والتفرج من بعيد، كان الواحد منهم من قبل إذا سمع استغاثة في أقصى الأرض استنفر كل قواه واستنفد كل طاقته للوصول إلى الهدف ويتحقق بالعزيمة والإصرار والصبر والقوة، وتحرّر القدس الشريف بعد أن أذاق صلاح الدين الأيوبي الصليبيين مرارة الهزيمة النكراء، وذاق هو حلاوة الانتصار وتمكّن من كسر جبروت الأعداء الذين يتربصون بنا من جانب.
إن الحياة في بورما جحيم لا يطاق والمسلمون أقلية يعيشون تحت أقدام البوذيين والمشركين الذين لا يحترمون حق الإنسان في الحياة وحق الإنسان في المعتقد وحق الإنسان في توفير لقمة العيش وفي حق الإنسان في العيش بحرية وكرامة، وبينما يرزح الواحد منهم تحت وطأة الفقر والجوع والذل والهوان يبذر إخواننا المسلمون أموالهم في السهرات واللهو والمجون، لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ.
وأين وسائل الإعلام؟ لقد ظلت طريقها وانحرفت والتوت كما تلتوي الحبل حين تهتز من الطرفين، لم تعد حيادية ولا موضوعية ولكنها أصبحت مسيّسة في أيدي مجموعة من المحتالين يتحايلون على الناس ويخدعونهم وما يخدعون إلا أنفسهم ولكن لا يشعرون، همهم بث الرعب في أوساط الناس في خطة مدروسة ومحكمة دبر لها راعي العالم الأول باراك أوباما، وانطوت الحيلة على عموم المسلمين وأصبحوا يتقاتلون ويتخاصمون ويتعاركون تحت مسميات عديدة ومتعددة، كالحرية والثورة وإسقاط النظام.
وسائل الإعلام دمى تحركها السياسة، وأرباب السياسة لا تعنيهم حقوق الإنسان بقدر ما تعنيهم مصالحهم الذاتية، لقد تعلموا من الغرب كابوس السياسة المنمّق والمغلف بكل أنواع الكذب والنفاق، وإلا ما الهدف من بث الرعب في سوريا وبعدها ستكون السودان وبعدها ربما السعودية أو إيران وبعدها يختل التوازن في الدول العربية شيئا فشيئا لتنتشر الفوضى في ربوع الدول الإسلامية، وتنتهي قصة المسلمين شرقا وغربا، ويحلو للغرب أن يستقطع من هذه الدول ما يحلو له فينهب ثرواته وجواهره ويستولي على كل جميل ويعتدي على كل فضيل ويخرب كل مكان فيه مال وفير.
لا نملك إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون، وأن المسلمين عليهم السلام ولا حول لهم ولا قوة رغم عددهم الضخم وثرواتهم الكبيرة وعتادهم الكبير إلا أنهم يتغابون ولا يريدون العزة والكرامة وارتضوا الذل والمهانة. وسحقا لمسلمين يدعون أنهم مسلمون ولا ينصرون إخوانهم ولا ينتصرون ولا ينصحون ولا يتناصحون، لا خير في هذا النوع من المسلمين فربما يأتي يوم ويخرج من أصلابهم من يعيش قائدا يثير زعزعة في قلوب الأعداء ويتجاوزون كل عقبة كأداء وينثرون ورود الحب والوئام في العالم أجمع، وتتحقق العدالة والمساواة ويصبح كل إنسان حرا كريما يعيش باحترام ويحترمه الناس أجمعون في ظل هذه المتغيرات وتبدل الأحوال.
كفى أيها المسلمون غباء وانظروا إلى إخوانكم في بورما إنهم يستغيثون، وأنتم يا وسائل الإعلام حولوا وجهتكم صوب بورما لبث مآسي المسلمين  هناك وليعرف العالم أجمع أن هناك قطعة من الأرض تتألم أشد الألم تنتظر من يخرجها من ظلمات الجهل والفقر والجوع والاستبداد.