الاسلام المعتدل من المعارضة الى الحكم

 تقرير غازي الدالي و وفاء بلغيث

  بداعي التخوف من التطرف و خدمة لمصالح اسرائيل و امنها في منطقة الشرق الاوسط .ركز الغرب بقيادة الولايات المتحدة في    العقود الاخيرة أنظمة ديكتاتورية استبدادية في أغلب البلدا ن الاسلامية لمحاربة الاسلام في عقر داره .و قد تم هذا تحت غطاء   أفكارو مخاوف غربية متعددة و بتواطئ الخونة من العرب المسلمين و اتهم الاسلام في الصميم بكونه دين ارهاب مصادر للحريات و الحقوق المدنية .

وفق هذا التوجه تم ضبط استراتيجية محكمة التخطيط و بعيدة المدى من أهم أهدافها أولا تشويه الاسلام و ابرازه في صورة خطر يهدد البشرية و الحاضن الاول لأفكار التطرف و الارهاب الديني وهنا لعبت وسائل الاعلام هذا الدور و ثانيا التأثيرفي عقليات المسلمين وجعلهم يعتقدون أن التقدم والتطوروالحداثةيكون بالتخلي  عن دينهم وتقليد الغرب حتى في مظاهرالعيش,ثالثااقصاء الاسلام سواءا من الحياة الاجتماعية و السياسية في البلدان الاسلامية و تركيز أنظمة علمانية فصلت الدين عن الدولة و اضطهدت الحركات و المنظمات الاسلامية ,ففي بلدان المشرق العربي مثلا فرض الحظر على تنظيم الاخوان المسلمين و تمت مراقبة تحركاتهم  (مصر,الاردن و سوريا…).الامر نفسه تكررمع الحركات الاسلامية  ذات الطموحات السياسية في بلدان المغرب العربي كحركة  النهضة التونسية التى اضطهد قادتهاأيام نظام بن علي .

 لكن مع تهاوي هذه الأنظمة التى انفردت بالحكم و اندلاع شرارة الثورة العربية أيقن الغرب جيدا أنهم أخطئو كثيرا لعدم ايجادهم بديلا لهذه الانظمة الهرمة والتي أصابها وباء العظمة و التجبر,و بدوره أيقن الشارع العربي أنه علق أماله  على أنظمة فاسدة لطالما وعدته باللحاق بركب الدول المتقدمة ليجد نفسه اليوم يتخبط في مجتمعات فقيرة و مهمشة و أمام فساد أخلاقي و اداري و مالي لاحدود له.

لذلك لا نستغرب اليوم هذا الاقبال نحو الاحزاب الاسلامية لاسيما و أنه يحسب الاسلاميين طول نفسهم و بقائهم في الساحة السياسية رغم محاولات الاقصاء و التهميش و أيضا اصغائهم الى نبض الشارع الذي تغلغل اليه اليأس في بعض الاوقات و لكن ذلك لم يمنع وجود الرغبة في التغيير و ايجاد البديل جسدها فعلهم الثوري.اذن وقف الاسلاميون موقف المعارضة  الا أن معارضتهم ليست ككل المعارضات الاخرى التي تعمل على  اقناع الشرع بالافكار و البرامج البديلة في حين يكفي الاسلاميين ان يقدموا أنفسهم ليجدوا الملايين ورائهم يدعمونهم و يساندونهم ,مستغلين في ذلك الوازع الديني العاطفي و الذي ينبع من حنين المسلمين الى دينهم و لجوئهم اليه لا يجاد الحلول لأزماتهم .و الملاحظ اليوم للحركات الاسلامية  ان هذه الحركات تتجه نحو تسلم مقاليد الحكم وفق منهج الأسلام المعتدل القريب من الشارع والمواكب لتغيرات العصر ,رغم العراقيل ولالصعوبات ويعود هذا من وجة نظر بسيطة إلى ظروف خدمت هذه الحركات ،أولا نجاح التجربة التركية مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي  طيلة العقد الأخير وهو ماآثار إعجاب الشعوب العربية ورغبتها في استيراد هذه التجربة خاصة مع وجود ثقة في إمكانية نجاحها نظرا لوجود نقاط تشابه وإلتقاء بين العرب والأتراك و ثانيا الثورات العربية التي كان و لا يزال للاسلاميين فيها دور الريادة لتكسب بذلك ثقة الشارع كسلاح لخوض تجربة السياسة وفق تنظيم حزبي ذو مرجع اسلامي .و لئن خاض بعضها انتخابات استجلى من خلالها موقعه و حجمه كحزب النهضة التونسي الذي فالز بالاغلبية النسبية في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي ,و أيضا أظهر الاسلاميون في مصر حسن استعدادهم و فازوا بأكثر من 60بالمائة في لاانتخابات التشريعية .أما في ليبيا فالاسلاميين كان لهم دور كبير في اسقاط نظام العقيد معمر القذافي ويرى البعض أن السلطة يصعب أن ينافسهم فيها أحد .سوريا التي لازالت الثورة فيها مستمرة ,’الاخوان المسلمين فيها اضطهدوا طيلة العقود الاخيرة و بسقوط نظام بشار الاسد سيكون الاخوان الاقرب للحكم .

أمافي ما يتعلق بالدول التى لم تشهد ثورات استفاد الاسلاميون فيها من انجازات و انتصارات نظرائهم في بلدان الثورة و الامر ينطبق على حزب العدالة و التنمية الاسلامي المغربي الفائز بالاغلبية في الانتخابات التشريعية متقدما على أحزاب كبيرة كحزب الاستقلال. و في الاردن الامر لا يختلف كثيرا فللاخوان دورهم و كلمتهم في الشارع .

بناءا على هذه المعطيات يمكن القول أن الشارع العربي الثائر  وضع الغرب في اطار الامر الواقع و أكد أنه هو من يختار مصيره و يضع ثقته في من يشاء و نجاح أول تجربة مع الاسلام المعتدل ستكون نقطة تحول كبيرة في التاريخ لذلك يدرك أصحاب القرار من الاسلاميين أن عليهم أن يثبتو ذلك ببرامجهم و أليات حكمهم.