خلف قضبان الأسر تفجرت مواهبه في الرسم

حوار عيسى عماد هدمي

سنين من العمر مضت في معتقلات الاحتلال الصهيوني , رغم قسوتها وقسوة السجان, الذي كان يحاول, تحطيم جميع أحلام الأسير الفلسطيني  لكي لا  يرى المستقبل بتفاؤل . إلا أن  المعتقل الفلسطيني يحطم بصموده قيود  سجانه ويحلم بحريته وتحرير وطنه  فيصقل مواهبه ويكمل تعليمه حتى وان أجبرته الظروف أن يكتب بحجر ، هذا ما أخبرنا به الفنان الأسير المحرر (رسام الكاريكاتير )”رفاعي حسين” (المبعد إلي المملكة الأردنية و الذي تم الإفراج عنه ضمن الأسرى الأردنيين في عام 2005) في حوار أجرته معه جريدة “الجيو سياسة “.

متى تم الاعتقال و كم دامت مدت الاعتقال؟
تم اعتقالي في 12/9/2003 ضمن نشاط خلال الانتفاضة الثانية وسجنت سنة ونص سجن إداريا وبعدها تم الحكم علي بسجن لمدة سنتين وتم الإفراج عني في عام 2005.

ما هي الاتهامات التي وجهت لك من الاحتلال؟
كانت لوائح الاتهام من 12 بندا واهم  3 بنود هم الحصول على معلومات ذات صبغة عسكرية, الانتماء لمجموعات إرهابية مثلما هم يطلق عليه, صنع المتفجرات هذه الاتهامات 3  هي أهم الاتهامات التي وجهت لي .

 هل كنت تنتمي لأي تنظيم  فلسطيني؟
عندما تم اعتقالي لم أكن انتمي لأي تنظيم أو جناح عسكري, لكنني كونت أنا وأصدقائي مجموعة  ارتجالية لا تنتمي لأي فصيل ألا انه يوجد في المجموعة عناصر من الفصائل الفلسطينية لكن  الأغلبية مستقلين, وفي المعتقل أجبرت أن أكون تابع  لفصيل هكذا القانون  المعمول به  بين الأسرى، و قد اخترت حركة حماس وبعدها قامو بعزلي فخرجت من حماس وانخرطت في حركة التحرير الفلسطينية “فتح”.

 كيف كانت أيام تحقيق معك, وما هي المراحل التي مررت بها في الفترة؟
بعد اعتقالي تم وضعي في غرفة اسمها “غرفة العصافير” (غرفة يوجد فيها عملاء لصالح الكيان الصهيوني)، و يوضع في هذه الغرفة كل الأسرى الذين يرفضون الاعتراف لعلهم يفضفضون للبقية و ذلك من شدة ضيق الحال و النفس داخل السجن, ومن داخل هذه الغرفة يقوم الاحتلال بجمع المعلومات المفيدة بالنسبة له كيف نفذت ومن معك, قبل وضعي بهذه الغرفة لمدة أسبوعين حبست لمدة شهر ونصف الشهر في الحبس الانفرادي وبعد ذلك نقلت إلى سجن “الرملة” ثم إلى سجن عسقلان.

 كيف كانت بداية الرسم معك داخل السجن؟
لما منع أهلي من زيارتي داخل السجن، شجعني الكثير من الأسرى الذين كنت أرسم لهم رسوما تعبر عن حياتنا اليومية و ما ينقصنا فيها، عندها أحسست بأهمية الرسم و أصبحت أبحث عن تطبيق جدي لهذا الفن خاصة بعد ما رأيت البسمة على شفاه زملائي بعد كل صورة أرسمها لهم و رغم الموانع التي إعترضتني من قبل أهلي الذين منعوني من الرسم لأنهم كانوا يعتبرونه منكرا.
خلال فترة حبسي توجهت إلى الفن الكاريكاتيري لما فيه من نقل للصورة الحقيقية لحاجيات المجتمعات العربية و كذلك لما وجدت فيه من مرونة و سهولة وصول الصورة إلى جميع الفئات و المجتمعات مهما تنوعت عاداتها و أفكارها و ثقافاتها فالأمي مثلا يستطيع تفكيك الصورة و معناها مهما كانت معقدة..

هل تذكر أول صورة رسمتها لا يمكنك أن تنساها؟
أول صورة رسمتها كانت للطفلة “إيمان” ابنة الأسير “محمد البيطار” من مدينة غزة، هذه الصورة أثرت في كثيرا لأنها أدخلت فرحة كبيرة في قلب الأب الذي كان ينظر إليها طوال الوقت, ولا تزال الصورة احتفظ بها إلي يومنا هذا بطلب من أبيها الأسير محمد البيطار حتى أتذكر بها أهلي عندما أشاهدها داخل المعتقل لعدم وجود  صور لأهلي .

ما هي الأضرار الجسدية التي تعرضت لها طوال مدة حبسك ؟
في فترة حبسي أصبت بشبه العمى و قد أجريت لي عملية داخل سجن الرملة و لم يكن لدي معلومات عن تفاصيل هذه العملية إلا بعد تحريري من المعتقل. والصليب الأحمر لا يستطيع التدخل بالأسري الأردنيين والمصريين لوجود اتفاقية سلام.

كيف تعامل في السجن كأردني و أنت فلسطيني معتقل في الضفة الغربية؟
أنا أحمل الجنسية الأردنية يعني أعامل كأردني داخل السجن و لكن  فلسطيني الأصل و عشت في فلسطين 8 سنوات و درست و عملت في فلسطين وحاولت أن احصل على جنسيتي الفلسطينية لكن للأسف لم احصل عليها.

ما الذي تعلمته من داخل السجن؟
داخل السجن تعلمت أن أصبر ما ابتلاني به الله لأن هذا اختبار من الله لصبري على الظلم الذي يلحق بي وبشعبي ووطني وأحسست وقتها بقصة سيدنا يوسف عليه السلام.

كيف صبرت على متابعة دراستك و أنت داخل السجن ؟
داخل السجن درست العلوم السياسية في الجامعة العبرية و لكني لم أتمكن من إكمال الدراسة لأنه تم تحريري و قد تابعتها في الأردن و درست المونتاج التلفزيوني و الصحافة و الإعلام و الآن أعمل في الميدان الصحفي في الأردن.